Wednesday 24 May 2017

أسطورة من سماء الخيال

سلـوى فـــرح
زاحم جهاد مطر


  
أسطورة من سماء الخيال

سلوانا و هزار
  (الحلقة الثانية )

.... كان  ذلك الصوت الضوئي لآلِهة الزهور.
آلهة الزهور:
_ إلى أين أنت ذاهب أيها الغريب المريب؟ حذارِ من العبور..إنها أرض مملكتي، مملكة آلهة الزهور.. سيدة القوافي و البحور..عن ماذا تبحث وتدور؟
هزار :
يا آلهة الزهور، لقد عبرت المحيطات و البحور، وأتيتك مثل "سلوى" مهاجرا ، لا أبحث عن مثوى أو مأوى ، ولاعن مَنٍّ و سَلوى ، بل عن "سلواى" الذي يُسلّي و يُذهب الهم عنّي ، و ينسيني كربي ، وحزني .. وأنا الذي ينسى جرحه القديم ، بجرح جديد، وأصبر على الألم و يأتيني المرّ الأليم ، وأمحو مُرّي بمُرّ أمَرًّ من المُرِّ.. وأنا المرتحل الدائم من مكان إلى مكان، أنا المتنقل الهائم من زمان إلى زمان، أبحث في فوضى العصور عن حلم كموج مضطرب يمور ؛ ويسأل عن شاطئ يلقى فيه الهدوء والسكينة ، و المسكن الحالم والطمأنينه ؛ عاشق محكوم بالعشق المؤبّد، و الحب المؤكد..أنا كنبض أبحث عن حب الإنسان و الجمال بلا توقف ، أصبر و أتحمل، لكني لا أتوجع ولا أتأفف.. حلمي أن أرقص على لحن ونغم ،  ليس كالطير المذبوح من الألم ، بل مثل عندليب يشدو بغناء يتراقص على الريح بهناء ؛ يا ملكة الزهور.. لا أشكو بثي وحزني وألمي ، ولكن أبحث عن حلمي الذي ضاع مني ، و ليس عيبا أن أشكو عند المجيب كما قال المصيب:
              و ما أنصفت مهجة تشتكي           أذاها إلى غير أحبابها
              تموت النفوس بأوصابها             و لم تدر عوادها ما بها
آلهة الزهور :
لن تنمو أغصانك ، وأنت مكبّلا داخل قفص!! في الحرية عبق ونفس ، قد يغيب الأمل أحيانا ، لكن لقوس قزح عدة ألوان تتدفق أمواجا ، يتهادى البحر لها ، و يشرق العمر من سرها .

نحن من  نصنع الحلم أيها الغريب و بالسعي نضمخه ، فأرقص وأرسم الأجنحة هناك في قلب النجوم هدايا مفرحة ، حيث يغفو الفرح على شاطئ السكينة...في قلب الحلم عروستك رهينة ؛ وأسعى لتحريرها ، بين النجوم سر بريقها.
هزار:
يا آلهة الزهور، منذ قرون وأنا أبحث عن حلم يشبه شجرة.. وكل غصن فيها عبارة عن حلم ، و كل زهرة فيها حلم....
أبحث عن عشق يدوم وحب مقيم ، وزهرة لا تُقطع ولا تَذبل، وفراشة لا تموت و لا تُقتل، و خلٍّ يفي ولا يخون ، و صديق يصفو و لا يهون ، و عزيز لا يُهان ، و بريء لا يُدان ، و وطن لا يُستباح ، و دم لا يُستباح .......
تقاطعه آلهة الزهور:
مهلا.. مهلا يا صاح ،  توقف عن البحث و اللهاث ، عش اللحظة الآن و سيغدق الأمان ،  كل ما نهواه من سرور يحتاج إلى قبس من نور،  في القلب كل الخبايا، وعند القرارتزهر النوايا . تبحث منذ أزمان فهل أزهر الرمان ؟.. العشق طائر لا يقع، والوطن دونه ما نفع .
قرون طويلة ، وأنت تسير خلف السراب في أرض هباب ، و دار خراب . أنا قلقة عليك و أشفق عليك.. أنصحك بأن تلقي بأحمالك على الآلهة ، و تبدأ الحياة بعبق الأمنيات ، ودع التفاؤل لكل طريق يكون للعشق مرايا ، و للروح عطر الهدايا، و للأمل أجنحة مشرعة ، و شمس مشرقة .
دع نعشاً لبنات نعش، واسلك حكمة النهج ، و ليبقى نجم سهيل في أقاصي الجنوب .. الآلهة تحاسبه ولست أنت من تقاصصه.. دع البنفسج يجوب ويزهر في أجمل الدروب.. و ظلّك صدى لفراشة حالمة يتحول ملاكا في سماء صافية ناعمة.
هزار:
يا مليكتي أتيتك وأنت ملاذي الأخير..أشكو لك، وبك استجير.. فكيف تصفو أيامي والآلهة هي من سرقت آمالي و أحلامي.. و كأنك لا تريدين أن تعرفي معنى كلامي أو لا تنوين تحقيق مرامي .
آلهة الزهور:
 لا أيها الغريب ، أنت الآن في أيدٍ وأحضان أمينة ، تبرق نبضا، تمطر عطرا، تحمل بلسما ، و على الضفاف تنثر زهرا.. لا عليك سوف يضحك لك الفجر و يستقيم الأمر، و يستفيق العمر.. و قد يكون هناك سوء فهم أو تقدير، أو خطأ بالشرح و التفسير..
هزار:

معذرة ربما خانني التعبير،  وأخطأت التحرير ؛ لِمَ أسمعكِ و لا أراكِ ؟  صوتك الطفولي يشبه صوت ملائكي ؛ من رسمتها صدىً لأساطيري ، و فنارا لمسيري ؛ وعنوانا لعذاباتي ، وملهما لأشعاري و مقاماتي ، و أصيلا تلوّن شواطئي أبريزاً نثارا، و قمرا أبادله الأسرارا .
منذ غيابها كل صباح أضمها وأُقبِّل فاها في الخيال ، وهي  ترف علي بضفائرها رفيف الأقحوانة في نداها بدلال ، قمرُ أنا بغير نصفها لا أكتمل ، و جرح أنا بغير بلسمها لا أندمل ؛  فيا آلهة الزهور أغيثيني ؛ و إلى حلم حياتي دليني .
آلهة الزهور:
وأنا أكلمك و لا أعرفك ، و شعرك أشعث و وجهك قد امتقع ، و كأن كل الحزن فيه اجتمع ، و الخوف و الفزع و الهلع ، و ثيابك بلت و تمزقت ، وتغيرت هيئتك و تبدلت ، حتى أن أُمك لو رأتك الآن لما عرِفَتك ، قل أيها الغريب الشريد من أنت وماذا تريد ؟ ومن هي الآلهة التي سرقت منك الحلم و الأمل ؟
هزار:

أبحث عن حبيبة صباي سلوانا ابنة آلهة الأحلام..؟؟؟
آلهة الزهور سألته مندهشة ومستغربة :

بحق الآلهة أخبرني هل أنت "هزار"؟
هزار :

نعم أنا هزار..
الهة الزهور :
وأنا سلوانا يا هزار
هزار :
ماذا ؟؟؟؟
ويسقط على الأرض مغشيا عليه!!!!
_________28/4/2017م


Tuesday 23 May 2017

ومض الصباح


Thursday 18 May 2017

أسطورة من سماء الخيال

سلـوى فـــرح
زاحم جهاد مطر

أسطورة من سماء الخيال
 
سلوانا و هزار
(الحلقة الاولى)

مع ندى النهار خرج "هزار" فـــــــــــــي أحد أيام الربيع البديع، وهو الــفـــــتى الوسيم الوديع و الهــادئ المطيع ، يتأمل الورود و النخيل و الأشجار في الحقول و على ضفاف الانهار ؛ و الـمـــــــــــروج االخضراء الواسعة و البساتين الزاخـــــــرة بثــــــمارها اليانعة،  يراقب بلهفة سحر الأوتار ، و يستمع بشغف إلى شدو البلابل، وغناء العنادل، و تغريد الشحارير، وزقزقة العصافير؛ ثم يدخل فـــــــــــــي الأيك حيث الياسمين و البنفسج و الليلك، و يستوقفه  تنقل الفراش والنحل من فُلّة إلى فُلّة، فإذا به أمام فتاة رائعة الجمال تدعى "سلوانا" كسحب الخيال، لها عينان صافيتان و ساحرتان يــــــشع منهما براءة الطفولة.. فلم يتمالك نفسه، وفي الحال بادرها بالســــــــؤال   :
 من أنتِ؟ ومن أين أتيتِ؟ هل هبطت من الفضاء أم من دنيا الرجاء؟
 سلوانا :أنا "سلوانا"، ابنة آلهة الأحلام "شاراتو"، خرجت من المعبد وأُمي نائمة ؛ مللت العــــــــيش في معبد أصبح كالسجن ؛ بداخله أشباح وجان ؛ غابات أشجارها جرداء ؛ و طيورها مكســــــــــورة القلوب داخل أقفاص، لا تجيد غير الشكوى و البكاء ؛ حياة سوداء كصحراء جدباء؛ الحب فيها حزين يئن من ألم الحنين و قيود الروتين .
 توقفت لحظة، وهي تنظر إلى عينيه البرّاقتين وتعلو محياها ابتسامة ثم سألته:
- وأنت من أين، وما أسمك ؟
هزار: أنا "هزار" ابن البستاني فــــــي معبد الإله الأكبر، تعلمت منه منذ الصغر حـــب الـــــــــــــــــــــورد و الزهــــــــر؛ وعشــــــقت الحياة و الإنسان والطبيعة و الألوان؛ بما فيــها من أشجار و أنهار وبحار و أطيار، أُنظري.. كل شيء من حولك يوحي بالنور و الجمال، و من وجودك اكتــــــسب التمام و الكمال، يا طيف الفردوس و الإحساس و يا سحر الضوء في النبراس! .
اندهشت من كلامه، ثم ردّت عليه :
- بوجودي أنا ؟ ومــــــــن أنا يا تُرى؟
- يبدو أنك لا تعرفين سرّ جمالك، و سحرك، ولم تتوقفي لحظة أمام مرآتك لتراقبي نفسك.. إن كنتِ تجهلين جمالك، فالكون لا يجهلك، لأنك صورة من صوره الأسرة المبهرة،  وأطياف نرجس عطرة. .
كان هذا اللقاء بمثابة إعلانٍ لولادة حبِّ سرمدي لا يموت، عشق لازوردي بعبق التوت.. 
الربيع عانق النسائم ؛ و العشق راقص القلب الهائم ؛ عندما أهـــــــداها هزار زهرة من زهور الليلك بأريجها العابق . ما أن تناولتها حــــــــــتى انكشف أمرها، وعرفت الآلهة بعلاقة الحبّ بـين الإثنين، وقررت نفيها إلى منابع المياه في الجبال القصية كأبسط عقاب لها، لأن الآلهة تنبذ العشق بينها وبين البشر!.
هام "هزار" على وجهه، يبحث عنها في رحلة طويلة شاقة ، وفــــــــــــــــــــــــــــــي أحد الأيام من رحلته ، صادفته قرية وادعة،  وأراد أن يرتاح فيها قليلا من قسوة مشاق السير، قصد أحد المنازل..طرق بابه .. فتح الباب رجل كبير و دعاه إلى الدخول، بعد أن أكرمه وأغدق عليه الماء و الـــــــــــــزاد.. سأله عن مبتغاه ، فشرح له ما حدث .
فكر الشيخ صاحب المنزل قليلا ثم قال :
- يا بني، إن ماتبحث عنه صعب المنال، ومن يفقد الآمال والأحلام  تصعب عـــنده الأيـــام ؛ أراك على الأمر عازما، وتسير فــــــــــــي طريق مجهول بلا اتـجاه، و أخـــشى عليك من الـــتيـــه، و الضياع في مسالك الشدائد و الأهوال..  لكنّي  مشفق عليك. لقد سمعت أن هناك آلهة الزهور وهي التي تملك بيدها زمام كل الامور؛ و قد تعرف مكان مَن تبحث عنها في مملكة الزهــــــــور. آلهة الزهور تجدها هناك في تلك الجبال العالية البعيدة حيــــــــــث تتــألق زهور الليلك مع لحــظات الغروب، وسط تجهم الصخور، لأن من أحببتها أخذت معها نبتة الليلك التي أهديـــــــــــتها لها إلى منفاها، و زرعتها هناك بعد غابات الاسفندان... و اتخذ من هذا المسلك المحـــــــــــــــــــــــــــــاذي للنهر الجاري لغــــــــــــاية الوصول إلى غـــــــــابات الاســفنــدان، وإذا وصلـــــت الغابات وصلت إلـــــــى مرادك .
أخذ "هزار" بنصيــــحته، و ما أِن دخــل الغــــابة وسار فـــــــــــــــــيها قليلا حــــــــــتى سمع صدى لصوت يناديه..شهق هزار متسائلا ...يا أِلهي ما هذا الصوت الضوئي ...؟